لطالما استنكر مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الانسان التفويض الممنوح لتنظيم البوليساريو من طرف البلد المضيف دولة الجزائر للقيام بدورها في إدارة شؤون مخيمات تندوف بالجنوب الغربي للجزائر خلافا لما تنص عليه قواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، ليظل هذا التنظيم متمتعاً بحصانة وحماية الدولة المضيفة مهما بلغت جسامة الانتهاكات التي يرتكبها
فرغم إقرار البوليساريو بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في الماضي، لكنها لم تقدم معطيات واضحة حول أعمال تكرار حالات الانتهاكات التي تطال ساكنة المخيمات من الاختفاء القسري والاختطافات والقتل خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة، والتعذيب في مراكز الاحتجاز وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة
ومع هذا التدبير جد الاستثنائي للمخيمات، والذي لا يمت لقواعد القانون الدولي بصلة، فالحديث عن حماية لساكنة المخيمات بشكل عام يبقى أمرا محدودا وصعب التحقيق وخصوصا للفئات الهشة من الأطفال والنساء
فمنذ إقامة مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، استهدف مسؤولو تنظيم البوليساريو، فئات الأطفال والشباب عبر تهجيرهم إلى دول أخرى، للدراسة وقد شكلت تلك المحطة بداية تشتت أسري وهوياتي غير مسبوق بالمنطقة الشيء الذي حرم هؤلاء الأطفال من التمتع بالدفء العائلي و بالتالي الحرمان من النمو النفسي الطبيعي. كما أنه، وخلال إقامتهم المطولة والتي تستمر من خمس سنوات الى عشرة قبل أول زيارة إلى الأهل، خضع الأطفال إلى إلزامية الاشتغال وأداء الخدمة العسكرية في سن جد مبكرة
عمل أيضا مسؤولو تنظيم البوليساريو على حرمان فئة من الأطفال من استكمال الدراسة وإكراههم على العمل العسكري، وترديد أناشيد الحرب، رغم أن حرمان الأطفال من سن الطفولة وإلحاقهم في وقت مبكر بالعمل العسكري والعمل الشاق يترتب عنه مضاعفات نفسية خطيرة
هذا بالاضافة إلى أن تنظيم البوليساريو عمل على استغلال المناهج المدرسية والبرامج في تلقين الأطفال العقيدة الايديولوجية للتنظيم والشحن بالأفكار الداعية للعنف والكراهية والإشادة بالحرب والبطولات العسكرية، وهو ما يتنافى مع مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، التي تحث على التربية على مبادئ وقيم الحرية والمساواة والتسامح بما يعزز انفتاح شخصية الطفل
اليوم، تصر البوليساريو، مرة أخرى، على الاستمرار في انتهاك مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل وخصوصا المادة الرابعة من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حلول الطفل بشأن اشراك الأطفال في النزاعات المسلحة والتي تنص على أنه « لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية » حيث تم الزج بالأطفال في أعمال البروباغوندا الحربية للبوليساريو، وذلك باشراك الأطفال في أفعال مستفزة لعناصر البعثة الاممية « المينورسو » بالمعبر الحدودي للكركرات
وعليه، فمرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الانسان؛ وهو يدين هذه الممارسات اللا أخلاقية والتي لا تحترم اتفاقية حقوق الطفل؛ يحمل تنظيم البوليساريو المسؤولية بالدرجة الأولى عن هذه الانتهاكات الممنهجة والتي لا زالت، لأزيد من أربعة عقود، مستمرة ومتكررة في حق الطفولة
كما يطالب المرصد، البلد المضيف، دولة الجزائر أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية تجاه أطفال المخيمات، حيث لا زالت آليات إنصافها تنأى بنفسها عن تناول أي ملف يتعلق بانتهاكات مورست ضد ساكنة مخيمات تندوف باعتبارها السلطة المناط بها التحقيق في جميع الانتهاكات التي ترتكب داخل نطاقها الترابي. كما نطالبها بالاقرار بصفة لاجئ، لساكني مخيمات تندوف وإعمال الحقوق المترتبة عن ذلك، وفاء بالتزاماتها المترتبة عن تصديقها على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين،. والبرتوكول الخاص بوضع اللاجئين
عائشة الدويهي :رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الانسان