مع قرب القمة العربية في تونس والمزمع انعقادها في 31 الجاري، فإن أهم المواضيع التي سيتم طرحها وبحثها في هذه القمة، متابعة موضوع تطوير منظومة الأمن القومي العربي، ومكافحة الإرهاب
ومن دون شك فإن الأنظار ستتوجه إلى هذه القمة لترى کيفية تعاملها وتعاطيها وتصديها لهذا الموضوع الحساس الذي يهم کل عربي من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي
إن انعقاد هذه القمة يأتي في وقت يشهد فيه الوطن العربي ولأول مرة اختراقا غير مسبوق للأمن القومي العربي وعدم وجود أي مشروع عربي بإمکانه أن يشد أزر الأقطار العربية ويمنح الثقة والأمل للأمة العربية، کما أن هناك ولأول مرة أيضا تباعد وانقسام واختلاف کبير في المواقف والرٶى بين الزعامات العربية من ملوك ورٶساء وأمراء ومع أن هذه الأمور تبعث على نوع من التشاٶم والضبابية بالنسبة لما يمکن أن يخرج به مٶتمر تونس، لکن التحديات والتهديدات المحدقة بالوطن العربي وحالة القلق والتوجس التي يعيشها الشارع العربي، من الممکن جدا أن تدفع الزعامات العربية بصورة أو أخرى لتجاوز حالة الاختلاف والانقسام والخروج بنتائج من الممکن جدا أن تمنح الأمل والتفاٶل للأمة العربية وتجعلها تثق بمستقبلها ولاسيما وأن للزعامات العربية مواقف نوعية في تاريخها من حيث تجاوز حالات الخلاف والاختلاف وتجاوزها لصالح الأمن القومي، کما حصل أثناء حرب رمضان 1973، عندما أعلنت الأقطار العربية المصدرة للنفط وفي مقدمتها المملکة العربية السعودية في عهد المغفور له الملك فيصل
إن تطوير منظمومة الأمن القومي العربي ومکافحة الإرهاب، مهمة وملحة جدا، بل هي من الأولويات التي لايمکن تقديم أي أمر آخر عليها، ذلك أن انعدام الأمن والاستقرار وعدم استتبابهما يٶثر على کل الأوضاع الأخرى سلبا، ومن دون أي شك فإن هذه المهمة بحاجة لعوامل مهمة لابد من توفرها لضمان النجاح، ومن أهم هذه العوامل
ـ وحدة الصف والمواقف والآراء للزعماء العرب، ذلك أن أي خلاف بهذا الخصوص سينعکس سلبا على هذه القضية الحيوية المهمة جدا.
ـ لابد من أن تکون هناك آلية عملية تترجم القرارات على أرض الواقع وليس أن تبقى کمجرد طروحات نظرية مسطرة على الأوراق فقط.
ـ يجب العمل مع الأمن القومي العربي على أنه موضوع عام يخص الجميع ولا يقبل التجزء، بمعنى أن لايتم عزل الحالة السعودية عن اليمنية مثلا أو اعتبار الأمن القومي للإمارات العربية المتحدة حالة خاصة بها، والتعميم هنا بمعنى أن العرب إذا اختلفوا حول أي شيء فمن الضروري جدا أن لايختلفوا على أمنهم وأن يمنحوه قوة في کافة أقطار الوطن العربي.
ـ من المهم جدا وعند بدأ مشروع تطوير منظومة الأمن القومي العربي، ومكافحة الإرهاب، العمل الجدي من أجل تعويض العامل الزمني، لأن الأمن القومي العربي يواجه منذ أکثر من عقد ونصف تقريبا حالة تشتت واختراق، لذلك لابد من إدخال طرق وأساليب علمية وتقنية حديثة تکفل القوة والمناعة له.
ـ مکافحة الإرهاب عربيا برأينا وقناعتنا الخاصة، فإن تعميم التجربة السعودية الرائدة بهذا الخصوص سيکون أمرا مفيدا جدا، لأن المملكة العربية السعودية نجحت وبامتياز في تحصين البلد من الإرهاب ومکافحته فکريا وأمنيا واجتماعيا
ـ يجب أن تکون هناك لجان خاصة من أجل متابعة الثغرات الداخلية(أي داخل کل قطر عربي) والثغرات الخارجية(أي فيما يتعلق بالوطن العربي)، من أجل تحديد تلك الثغرات وسبل وطرق التعامل معها بما يکفل عدم تأثيرها السلبي على الأمن القومي العربي وعدم تشکيلها نقطة ضعف في الخاصرة العربية.
ـ من المهم جدا تسليط الضوء على إيران ومنظومة أمنها القومي وکيفية تغلغلها وتهديدها للأمن القومي العربي واعتبار ذلك واحدا من التحديات والتهديدات بالغة الجدية التي يواجهها الأمن القومي العربي، خصوصا وأنها »أي إيران » تمکنت من فتح أکثر من ثغرة في أکثر من بلد عربي عن طريق أذرعها وأتباعها.
ـ لمواجهة الدور السلبي الإيراني والذي يبدو کحالة طارئة غير مسبوقة لأنه يهدد الأمن القومي العربي من الداخل ويضربه في الصميم وليس کالعدو الذي يهدد الأمن القومي العربي من الخارج، وإن نجاح إيران في تشکيل أحزاب ومنظمات وجماعات تابعة لها في أقطار عربية تجاهر علنا بوفائها العقائدي والسياسي لإيران، يأتي من عجز الأقطار العربية في دعم وتأييد ومساندة البدائل العربية الداخلية التي أخذت على عاتقها مهمة مواجهة التمدد الفکري ـ السياسي لإيران والتصدي له کما في عملنا في المجلس الإسلامي العربي منذ تأسيسه ولحد يومنا هذا ونطرح عملنا کمشروع عربي في مواجهة المشروع الإيراني
إن قمة تونس، مطالبة بإلحاح بأن تعيد للأمن القومي العربي هيبته ومکانته الحساسة جدا وأن تعيد للعمل العربي المشترك بهذا الصدد قوته وأهميته، لأنه لا يمثل عصب الحياة بالنسبة للأقطار العربية فحسب، بل واعتبارها في مصاف قضية حياة أو موت، ولاريب من أن القمة لو لم تنجح في ذلك وبقي الحال على ماهو عليه، فمن المهم جدا أن يعلموا أنهم سيجعلون من البلدان العربية کالغنم القاصية
*د. السيد محمد علي الحسيني
الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان